سورة الرعد - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} أي: لله دعوة الصدق.
قال علي رضي الله عنه: دعوة الحق التوحيد.
وقال ابن عباس: شهادة أن لا إله إلا الله.
وقيل: الدعاء بالإخلاص، والدعاء الخالص لا يكون إلا لله عز وجل.
{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} أي: يعبدون الأصنام من دون الله تعالى. {لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} أي: لا يجيبونهم بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضر، {إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} أي: إلا كباسط كفيه ليقبض على الماء والقابض على الماء لا يكون في يده شيء، ولا يبلغ إلى فيه منه شيء، كذلك الذي يدعو الأصنام، وهي لا تضر ولا تنفع، لا يكون بيده شيء.
وقيل: معناه كالرجل العطشان الذي يرى الماء من بعيد، فهو يشير بكفه إلى الماء، ويدعوه بلسانه، فلا يأتيه أبدا، هذا معنى قول مجاهد.
ومثله عن علي وعطاء: كالعطشان الجالس على شفير البئر، يمد يده إلى البئر فلا يبلغ قعر البئر إلى الماء، ولا يرتفع إليه الماء، فلا ينفعه بسط الكف إلى الماء ودعاؤه له، ولا هو يبلغ فاه، كذلك الذين يدعون الأصنام لا ينفعهم دعاؤها، وهي لا تقدر على شيء.
وعن ابن عباس: كالعطشان إذا بسط كفيه في الماء لا ينفعه ذلك ما لم يغرف بهما الماء، ولا يبلغ الماء فاه ما دام باسطا كفيه. وهو مثل ضربه لخيبة الكفار.
{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ} أصنامهم، {إِلا فِي ضَلالٍ} يضل عنهم إذا احتاجوا إليه، كما قال: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام- 24 وغيرها].
وقال الضحاك عن ابن عباس: وما دعاء الكافرين ربهم إلا في ضلال لأن أصواتهم محجوبة عن الله تعالى.


قوله عزّ وجل: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا} يعني: الملائكة والمؤمنين، {وَكَرْهًا} يعني: المنافقين والكافرين الذين أكرهوا على السجود بالسيف.
{وَظِلالُهُمْ} يعني: ظلال الساجدين طوعا وكرها تسجد لله عز وجل طوعا. قال مجاهد: ظل المؤمن يسجد طوعا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره.
{بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} يعني إذا سجد بالغدو أو العشي يسجد معه ظله. و{الآصال}: جمع الأصُل، والأصُل جمع الأصيل، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس.
وقوله: {لم تَسِقْهُ} من وسقت الشيء أسق وسقا: إذا حملته.
وقيل: ظلالهم أي: أشخاصُهم، بالغدو والآصال: بالبُكَرِ والعَشَايا. وقيل: سجود الظل تذليله لما أُريدَ له.


قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} أي: خالقُهما ومدبِّرهما فسيقولون الله لأنهم يقرُّون بأن الله خالقهم وخالق السموات والأرض، فإذا أجابوك فقل أنت أيضا يا محمد: {الله}. وروي أنه لما قال هذا للمشركين عطفوا عليه فقالوا: أجِِبْ أنت، فأمره الله عز وجل فقال: {قُلِ اللَّهُ}.
ثم قال الله لهم إلزاما للحجة: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} معناه: إنكم مع إقراركم بأن الله خالق السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء فعبدتموها من دون الله، يعني: الأصنام، وهم {لا يَمْلِكُونَ لأنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا} فكيف يملكون لكم؟
ثم ضرب لهم مثلا فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ} كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي} قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر {يستوي} بالياء، وقرأ الآخرون بالتاء لأنه لا حائل بين الاسم والفعل المؤنث. {الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} أي: كما لا يستوي الظلمات والنور لا يستوي الكفر والإيمان.
{أَمْ جَعَلُوا} أي: جعلوا، {شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} أي: اشتبه ما خلقوه بما خلقه الله تعالى فلا يدرون ما خلق الله وما خلق آلهتهم.
{قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ثم ضرب الله تعالى مثلين للحق والباطل، فقال عز وجل:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8